شرح الحديث
لقدْ تَحدَّث النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في مواطِنَ كثيرةٍ عن عَلاماتِ السَّاعةِ، وفصَّلها وبيَّن أحوالَها؛ لأنَّ تَحقيقَ صِدقِ هذه الإخبارِ جُزءٌ مِن الإيمانِ باللهِ وبرسولِ اللهِ؛ لأنَّها مِن الغيبِ، وُقوعُ تلك المَغيباتِ على النَّحوِ الَّذي أخبَر به الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَكونُ علَمًا مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فيَزدادُ المؤمنُ إيمانًا، ويَدخُلُ العاقِلون مِن غيرِ المسلِمين في الإسلامِ، وفي ذلك أيضًا دَعوةٌ إلى الاستعدادِ لها؛ إذ إنَّهم إذا رأَوْا عَلاماتِها دَفَعَهم هذا إلى الاستعدادِ لها، وتوجيهٌ للمسلِمين الَّذين يُدرِكون بعضَ هذه العلاماتِ: كيف يتَصرَّفون عندَ وُقوعِ هذه الأحداثِ؛ كالتَّوجيهِ بتقديرِ أوقاتِ الصَّلَواتِ في أيَّامِ الدَّجَّالِ، الَّتي تَكونُ يومًا كسَنةٍ، ويومًا كشهرٍ، ويومًا كجُمعةٍ، وسائرُ أيَّامِه كأيَّامِنا هذه، وكالتَّحذيرِ مِن الولوغِ في الفتنِ وإذكائِها، وغيرِ ذلك.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “والَّذي نفسي بيدِه”، أي: يُقْسِمُ النَّبيّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم باللهِ الَّذي يَملِكُ أمرَ نفسِه، “لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى”، أي: مِن علاماتِ السَّاعةِ الَّتي ستَحدُثُ قبلَ يومِ القيامةِ أن “تُكلِّمَ السِّباعُ الإنسَ”، والسِّباعُ هي الوُحوشُ والحيواناتُ الضَّاريةُ، والمعنى: أنَّ تِلك الحيواناتِ سوف تتحدَّثُ مع الإنسانِ، “وحتَّى يُكلِّمَ الرَّجلَ عذَبةُ سَوطِه”، أي: ومِن علاماتِ السَّاعةِ أيضًا أن تتحَدَّثَ عذَبةُ السَّوطِ إلى صاحبِها يَعْني بما أحدَثَت يَداه، وعذَبةُ السَّوطِ طرَفُه، “وشِراكُ نَعْلِه”، أي: ومن علاماتِ السَّاعةِ أيضًا أن يتَحدَّثَ رِباطُ الحِذاءِ مع صاحبِه بما مشَتْ إليه رِجلُه، “وتُخبِرَه فَخِذُه بما أحدَث أهلُه بعدَه”، أي: ومِن عَلاماتِ السَّاعةِ أيضًا أن تتَحدَّثَ أعضاءُ الإنسانِ إليه، فسوف تُخبِرُه فَخِذُه بما حدَث في بيتِه مِن بعدِه، وبِما رآه سِرًّا.
وكَلامُ هذه الأشياءِ غيرُ محالٍ على البارئِ؛ فإنَّه على ما يشاءُ قديرٌ، وقد صحَّ في أخبارٍ أخرى كلامُ البَقرةِ مع الحاملِ لها، والرَّاعي للغَنمِ مع الذِّئبِ.
وفي الحديثِ: بيانُ بعضِ علاماتِ السَّاعةِ، وهو مِن بَعضِ دَلائلِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
إذا أتممت القراءة لا تبخل بنشرها وثقل ميزانك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم