فيل السلطان والأخوة الأربعة
انبرى أربعة نفر كانوا أشجع القوم المجتمعين وتطوعوا أن يقابلوا السلطان فيعرضوا عليه سوء الحال الذي آلت إليه المدينة نيابة عن جميع أهلها و تعهدوا أمام الحاضرين أن يطلبوا من السلطان إعادة الفيل إلى حديقته ويتوقف بذلك أذاه عن أهل المدينة .
وعندما دخل الوفد على السلطان تبادل أعضاء الوفد النظرات فيما بينهم واحتاروا أيهم يبدأ الكلام وكلٌ منهم يحث الآخر على أن يكون البادئ متظاهرا بتقديمه على نفسه فلما أطالوا في ذلك أشار السلطان إلى أكبرهم سنا ليبدأ الحديث فاستجمع كل ما واتاه من شجاعة و بدأ حديثه قائلا:
أطال الله عمر مولانا السلطان وأدام عزه وبعد؛ فإن أهل المدينة قد أوكلوا إلينا مهمة إزجاء تحياتهم إلى جنابكم الكريم وإبلاغ جلالتكم جزيل شكرهم على ما تفضلتم به من إطلاق سراح فيل جلالتكم ليسرح ويمرح بين ظهرانيهم في شوارع المدينة وأسواقها وبساتينها ليكون قرة عين لأهلها يداعب الصغير ويسلي الكبير وتقر به عين المبصر والضرير فكل من في المدينة يكاد من فرحته بهذا الفيل أن يطير .
والتفت إلى يمينه مستعينا بجاره ليكمل عنه بقية الحديث ويكمل ما تبقى من طلبات أهل المدينة فقال:
أطال الله بقاء مولانا السلطان وأعزه بنصر من عنده وبعد؛ فليس عندي ما أضيفه إلى ما سبقني به أخي المتحدث قبلي سوى أن أنقل إلى جنابكم مشاعر أهل المدينة رجالا ونساءً شيبا وشبانا التي تعايش هموم فيلكم العظيم وتشعر بشعوره في وحدته في ذهابه وإيابه وتتساءل كيف يقضي أيامه ولياليه دون مؤنس أو جليس؟ فإذا كان يسلي أهل المدينة ويفرج عنهم كربهم وينسيهم همومهم فإن من حق أهل المدينة عليه أن يردوا له جميله فيؤنسوا وحدته ويخففوا عنه عزلته .
فسأله السلطان: و كيف يكون ذلك؟
فتكلم الثالث مكملا الحديث قائلا:
يقصد يا مولانا أن نبحث له عن فيلة تؤنس وحدته وتخرجه من عزلته فينعم الله عليهما بالذرية الصالحة من صغار الفيلة التي تزيد مدينتنا بهجة و أنسا وتصبح بلادنا من بلاد الفيلة وليست ذات فيل واحد .
ولم يجد رابعهم ما يضيفه على أقوال من سبقوه سوى إبداء الاستعداد ليكونوا أربعتهم الوفد الذي سيذهب إلى بلاد الهند نيابة عن أهل المدينة لاختيار الفيلة المناسبة التي تليق بمقام فيل السلطان العظيم .
لم يخيب السلطان رجاءهم حين استجاب فورا لطلبهم بأن أثنى على اقتراحهم وحثهم على الإسراع في مهمتهم والعودة بما تقر به عيون أهل المدينة وبما يسر قلوبهم .