close
قصة وعبرة

باقي قصة في أحد قرى تونس عاش صّياد إسمه عبد الله مع إمرأته فطيمة

رواية الفتاة المخطوفة الحلقة الثالثة

إنتظرت ثريّا قليلا، ثمّ بدأت تشعر بالخوف ،فقالت بصوت خاڤتة : سيّد شمعون هل أنت بخير؟ لكنّه لم يجب ،تقدّمت بحذر ،وأشعلت مصباح الزّيت ،ثمّ صاحت بقوّة فلقد كان هناك بقعة كبيرة من الدّم وجرح كبير على رأسه ،جاءت شلوميت تجري وهي في غاية الفزع ،فلمّا رأت زوجها ملقى على الأرض في غرفة الفتاة، ورائحة الخمر تفوح منه، أحسّت بالصّدمة ، لكنّها تداركت ذلك بسرعة ،وقالت لها : في الصّباح ستأتي شرطة الملك لتسأل عمّا حدث ، وإيّاك أن تخبريهم بالحقيقة، فنحن أسرة محترمة ،ولا

نحبّ الفضيحة ،بالإضافة إلى أنّ ذللك يسيئ إلى سمعة حارة اليهود ،سأعطيك غرفة أخرى ،وتنقلين إليها حاجياتك ،ولمّا يسألونك قولي إنّي كنت نائمة ،هل فهمت ؟ إفعلي هذا من أجلي، وأنا سأعرف كيف سأكافئك .
وتم الأمر كما أوصت شلوميت ،وجاء الأهل والأقارب فعزّوها في وفاة زوجها ،وأصبحت ثريّا أكثر حرّية، وبعد إنتهاء عملها تعوّدت أن تخرج للتّرويح عن نفسها ،وذات يوم رأت شخصا عرفته على الفور ،فقد كان أحد القراصنة الذين إختطفوها ،ورأته يدخل لحانة قذرة ،ولمّا أطلت من الباب عرفت أنّهم يجتمعون هناك ،وصارت تراقبهم حتى عرفت مكان مركبهم، وأنهم سيبحرون خلال ثلاثة أيام ،وكان هناك مراكب أخرى، ومن ذلك المكان يفرغون غنائمهم، ويبيعونها في وضح

النهار وتجيئ الناس وتشتري ولا يهمّهم مصدر البضاعة ،ثم خطر في بالها أن تبحث عن أبناء القرية الذي كانوا معها ،ووجدت واحدا يعمل في الحقول، وآخر في نحت الحجارة ،فكلمتهم على الهرب من هذا المكان، لكنهما خافا ،فإن كل من يحاول الهرب جزاءه القتل ،ولمّا سألت أحد الملاّحين هل هناك سفن تسافر لبلاد المغرب ؟ أجابها بالنفي بسبب الحرب مع العثمانيين، وفقط القراصنة يغامرون بالإقتراب من تلك البلدان ،فقالت في نفسها :سأتنكر ،وأختفي في أحد تلك السّفن …
مرّ يومين وهي قلقة ،فماذا لو عثروا عليها ،أكيد سيرمونها في البحر ،لكن لمّا نام الجميع لبست ملابس إبن شلوميت، فلقد كان في مثل عمرها ولفّت شعرها ،ووضعت قبّعة غطى نصف وجهها ،ثم أخذت صرة ،وضعت فيها طعاما وقلة ماء وجميل ما ربحته من مال ،ثم كتبت رسالة، ووضعتها على الفراش ،تشكر فيه صاحبة الدّار على حسن معاملتها، وبعد ذلك تسلّلت على أطراف أصابعها ،وأغلقت الباب وراءها بهدوء ،ثمّ ذهبت إلى الميناء وتسلقت سفينة القراصنة ،واختارت ركنا وسط العنبر إختبأت فيه ،وكانت متعبة فاستغرقت في نوم عميق، بعد فترة من الزّمن ،أحسّت بنفسها

تتمايل يمينا وشمالا، فاستيقظت مرعوبة ،ولمّا نظرت من شقّ صغير رأت الأمواج تتلاطم أمامها ، فشعرت بدوار عنيف وبدأت تدعو الله لتخف العاصفة ،وبعد ساعة بدأ البحر يهدأ تدريجيا ،فرجع إليها هدوئها،وتساءلت هل أمّي بخير ؟ لقد مضى وقت طويل ،وأرجو أن أجدها في دارنا .

إستمرّت الرّحلة والبنت مختبئة ،ونفذ طعامها وأحسّت بالجوع ،وفجأة نزل رجلين وحملا أحد البراميل ،وفي الطريق إنفتح، وسقطت منه بضعة تفّاحات ،وتدحرجت واحدة قربها ،فأخذتها بلهفة ،وأكلتها ،ثمّ فتحت برميلا قربها فوجدته مليئا بالخيار المخلّل ،وعرفت أنّها في مخزن الطعام ،فرجع إليها الأمل .وفي الغد لمّا فتحت عينيها سمعت أصواتا تصيح وأقدام تجري ،ولمّا أطلت من الشّق رأت أمامها السّاحل ،فبدأ قلبها يخفق ،فلو تمكّنت من النّزول لأمكنها الرّجوع إلى دارهم ،فهي تعرف إسم

قريتها ،والمدينة التي قربها ،المشكلة أين هي الآن؟ فالقطّاع يهاجمون على طول الشّواطئ الممتدّة من تونس إلى الجزائر ،وكلما كان هذا المكان بعيدا كانت العودة أصعب ،لكنّها ليست خائفة ،فلقد أمضت ثلاثة سنوات في صقليّة ،وتعلمت كيف تعتمد على نفسها . قالت ثريا: لا بدّ أن أنتقم منهم على ما فعلوه بقريتي ،وآخذ بثأر أبي الذي قتلوه أمام عينيّ …

يتبع…

لمتابعة القراءة اضغط على الرقم التالي في الصفحة التالية 👇

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!